منتدى العلوم والتعليم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى العلوم والتعليم


    التحرك بسرعة فائقة تحت سطح الماء(*)

    avatar
    ali ben mohamed


    المساهمات : 12
    تاريخ التسجيل : 10/10/2010

    التحرك بسرعة فائقة تحت سطح الماء(*) Empty التحرك بسرعة فائقة تحت سطح الماء(*)

    مُساهمة  ali ben mohamed الأحد أكتوبر 10, 2010 6:55 am


    التحرك بسرعة فائقة تحت سطح الماء(*)
    عندما غرقت الغواصة الروسية كورسك Kursk K-141 في الشهر 8/2000، راجت شائعات تقول إن الانفجارات الغامضة التي جعلت الغواصة تهوي إلى قاع بحر بارنتز ترتبط بوجه أو بآخر باختبار طوربيد فائق السرعة. وكان قد ألقي القبض قبل ذلك بعدة أشهر على رجل الأعمال الأمريكي <E. پوپ> في موسكو بتهم تتعلق بالتجسس، فأشيع حينذاك أنه كان يحاول شراء مخططات لطوربيد فائق السرعة. ومع أن تفاصيل الحادث البحري المفجع وقضية الجاسوس الشهيرة مازالت معلقة، فإن الدلائل تشير إلى أن كلتا الحادثتين ترتبطان بتقانة مذهلة لم يُكتب حولها إلا النزر اليسير، تسمح للأسلحة وللقطع البحرية بأن تشق طريقها تحت سطح الماء بسرعة تصل إلى مئات الأميال في الساعة ـ بل وتتجاوز سرعة الصوت في الماء أحيانا. تجدر الإشارة إلى أن التقانات التقليدية تسمح بالحركة تحت سطح الماء بسرعة لا تزيد على 80 ميلاً في الساعة.

    وقد بات من الواضح أكثر فأكثر مؤخرًا أن القوى البحرية الكبرى في العالم تطور طرائق لبناء ترسانات بحرية كاملة تشتمل على أسلحة وأساطيل مبتكرة تحت مائية قادرة على التحرك بسرعات لم يسبق لها مثيل. إن القدرة على الوصول إلى هذه السرعات العالية ـ والتي هي ضرب من «قوة التحرك السريع» warp drive في الماء ـ تعتمد على ظاهرة فيزيائية من ظواهر ميكانيك السوائل تعرف بالتكهّف الفائق supercavitation. وتحدث هذه الظاهرة عندما تتكون فقاقيع من بخار الماء عند حافات الأجسام المغمورة في ماء سريع الجريان (التدفق). وتكمن الحيلة هنا في إحاطة الجسم المتحرك بغلاف متجدد من الغاز بحيث لا يبلل الماء إلا جزءا صغيرًا من سطح الجسم، الأمر الذي يخفف من قوة السحب اللزج viscous drag. وقد تمثل نظم التكهف الفائق قفزة كمومية quantum leap في الحرب البحرية، وهي تماثل ـ إلى حد ما ـ الانتقال من الطائرات المروحية إلى الطائرات النفاثة، بل وحتى إلى الصواريخ والقذائف.
    وعلى الرغم من التمويل المتواضع حاليًا المخصص لأبحاث التكهف الفائق (وهو نحو 50 مليون دولار في الولايات المتحدة الأمريكية)، فإن قائمة الأسلحة والقطع البحرية التي تعتمد هذه الخاصية في عملها واسعة ومدهشة؛ فهي تشتمل على طلقات تحت مائية فائقة السرعة تستهدف الألغام والطوربيدات الموجَّهة homing torpedoes والقوارب ـ بل وحتى الطائرات والحوامات المحلِّقة على ارتفاعات منخفضة، وتُطلق من حجيرات إطلاق تشبه في شكلها إلى حد كبير الأبراج الدوارة التي استُخدمت على متن القاذفات الجوية في الحرب العالمية الثانية. وثمة إمكانات أخرى كالطوربيدات العالية السرعة المضادة للسفن وللطوربيدات، إضافة إلى «وسائط فصل اشتباك غير موجهة متوسطة المدى»، وهي أسلحة أكبر حجمًا تستخدم للعمل على وضع نهاية لقتال ينشب بين غواصتين. كما يمكن تصور طائرة تسير على سطح الماء بسرعة فائقة، إضافة إلى قذائف تحت مائية ذات قدرة نووية مصممة لتحييد مجموعات حربية كاملة من حاملات الطائرات.

    يعتقد بعض خبراء القوى البحرية أن نظم التكهف الفائق قد تغير طبيعة الحرب تحت سطح البحر، فتحوِّل مواجهات الكر والفر بين الغواصات الكبيرة إلى ما يشبه معركة جوية تتميز باشتباكات عالية السرعة والضجيج بين «مقاتلات» subfighters قصيرة المدى تتبادل طلقات تحت الماء، بعد أن تكون هي نفسها قد انطلقت من حاملات عملاقة تعمل تحت الماء subcarriers.

    ويشير خبراء آخرون إلى إمكانية استعمال طوربيدات أو صواريخ موجهة بعيدة المدى ومتعددة المراحل تعمل بالتكهف الفائق ومزودة برؤوس نووية (أي أسلحة وقائية موجهة بعيدة المدى)، ورخيصة الكلفة نسبيًّا، قد تثبت فعاليتها ضد منظومات «حرب النجوم» للدفاع الصاروخي المستقبلي. ويمكن لهذه الطوربيدات أو الصواريخ أن تطلَق من مسافة عدة أميال وهي تحت سطح الماء تمامًا، ثم تبرز من مياه الشاطئ قريبا من أهدافها، وتلقي بأحمالها الفتاكة قبل أن يكون بإمكان الدفاعات الجوية أو الفضائية الردّ عليها.

    ومما يدعو إلى العَجب أن نعلم حديثًا فقط أنه كان هناك ـ على مدى العديد من السنين ـ سلاح واحد على الأقل من الأسلحة التي تعتمد خاصية التكهف الفائق. ففي عام 1977، وبعد انقضاء نحو عشر سنوات من البحث والتطوير، أَدخلت القوى البحرية السوڤييتية ـ سرّاً ـ طوربيدًا يعمل بوقود صاروخي أطلقت عليه اسم شكڤال shkval (أي العاصفة) باستطاعته أن «يطير» عبر الماء بسرعة 100 متر في الثانية (أي نحو 230 ميلاً في الساعة) بل يزيد، ضمن تجويف غازي مولَّد ذاتيًّا. وعلى الرغم من أن هذه القذيفة ذات الرأس النووي تفتقر من بعض الوجوه إلى الإتقان والفاعلية الكاملة، فإن الأخبار التي شاعت عنها في التسعينات من القرن العشرين جعلت القوى الحربية في الدول الغربية تولي تقانة التكهف الفائق اهتمامًا ملحوظًا.

    مما لا شك فيه أنه ينبغي التغلب على تحديات كثيرة ذات شأن تتعدى الأمور التقنية قبل أن تصبح أي من تقانات الجيل القادم هذه حقيقة واقعة. فلا بد من النظر مثلاً في الاعتبارات البيئية إضافة إلى قضايا الملاحة. ولعل أكبر عائق للتقدم في هذا المضمار هو تأمين التمويل اللازم لبناء نظم بحرية تعتمد التكهف الفائق. ومع هذا فإن التاريخ يشير إلى أن التقانة الحربية غالبًا ما تجد الدعم المالي اللازم لها حتى ولو ندر توفره للأغراض الأخرى.

    يقول <R. كوكلنسكي> [وهو مهندس وباحث في علم تحريك الموائع (الهدروديناميك) لدى مركز أبحاث البحرية للقتال تحت سطح الماء NUWC، قسم نيوپورت في ولاية رود آيلاند، وهو المركز الرائد لدى البحرية الأمريكية الذي يتحرى موضوع نظم التكهف الفائق]: «بالنظر إلى قلة عدد المنظومات التي أنشئت حتى الآن، فإننا مازلنا من عدة وجوه في مرحلة مماثلة للمرحلة التي كانت عليها الطائرة بعد أن تمكن «الأخوان رايت» Wright brothers من التحليق أول مرة، إلا أننا خلافًا لما كان عليه الحال حينذاك، نعلم الآن أكثر منهما عن الفيزياء والتقانة المرتبطتين بالموضوع.»


    أساسيات التكهف الفائق(**)
    يتطلب دفعُ جسم ما في الماء جهدًا ملحوظًا، وهذا ما يلمسه كل سبّاح. ويزداد الأمر صعوبة كلما حاولنا الانطلاق بسرعة أكبر لأن الاحتكاك بالسطح يزداد بازدياد السرعة. كما أن السباحة تحت الماء تماما تغدو أكثر صعوبة؛ لأن الماء يولد مقاومة سحب drag resistance تزيد 1000 مرة على قوة السَّحب التي يولدها الهواء للأجسام التي تتحرك فيه.

    لذلك يجهد مهندسو البحرية في معالجة هذه المسائل المعروفة منذ القدم عن طريق تصميم هياكل انسيابية لتخفيض قوة السحب الاحتكاكي للماء، وتزويد السفن بمحركات ذات قدرة عالية لشق طريقها عبر الأمواج. ومن ثم فقد يفاجؤون إذا علموا أن العلماء والمهندسين اكتشفوا أسلوبًا آخر للتغلب على قوة السحب اللزج يمكنهم من شق الطريق في الماء بسرعات عالية. وتكمن الفكرة عمومًا في تخفيض مساحة السطح المبلل من الجسم المتحرك في الماء، عن طريق إحاطته بفقاعة غازية منخفضة الكثافة.


    أسلحة سريعة تحت سطح البحر(***)

    ▪ تقوم القوى البحرية العظمى في العالم بتطوير ترسانات مبتكرة من أسلحة ووسائط تحرك سريع تحت الماء تعتمد على ظاهرة التكهف الفائق، التي تخفض من قوة السحب الهدرودينامية، عن طريق التحرك داخل فقاقيع من بخار الماء والغاز تولدها ذاتيا.
    ▪ قام سلاح البحرية الروسي بنشر طوربيد يعمل بوقود صاروخي وفق ظاهرة التكهف الفائق، يعرف باسم شكڤال Shkval (أي العاصفة)، يقال إنه يسير تحت الماء بسرعة 230 ميلاً في الساعة. وتطمح روسيا ـ التي تعاني ماليًّا ـ إلى بيع طراز مطور من هذا الطوربيد إلى دول أخرى. وقد ابتاعت فرنسا والصين وإيران عددا من طوربيدات شكڤال حتى الآن. ▪ تشتمل قائمة الأسلحة البحرية التي تعمل وفق ظاهرة التكهف الفائق على قذائف تحت مائية قصيرة المدى لتدمير الألغام البحرية والطوربيدات المعادية القادمة، كما تشمل الطوربيدات العالية السرعة والقذائف الضخمة تحت المائية القادرة على تدمير مجموعة كاملة من القطع البحرية. وتضم أيضًا القطع البحرية الصغيرة الفائقة السرعة، بل وربما الغواصات التي تعمل بنظام التكهف الفائق. ودُرست كذلك إمكانية تطوير طوربيدات استراتيجية متعددة المراحل وبعيدة المدى تحمل رؤوسًا نووية قادرة على تحدي دفاعات «حرب النجوم.»


    «عندما يتحرك سائل بسرعة حول جسم ما، ينخفض الضغط في تدفق السائل، ولا سيما عند نهايات الجسم»، كما يؤكد ذلك <P .M. تولين> [الذي يشغل منصب مدير مختبر هندسة المحيطات في جامعة كاليفورنيا بسانتا باربرا] وهو رائد في نظرية تدفقات التكهف الفائق. ويضيف إنه «بازدياد السرعة يبلغ الضغط في التدفق نقطة يتساوى فيها مع ضغط بخار الماء، وعندئذ يخضع السائل إلى تحوُّلٍ طوريّ ويتحول إلى غاز، أي بخار ماء.» وبعبارة أخرى فإن عدم وجود الضغط الكافي لإحداث تماسك جزيئات الماء معا يجعل هذه الجزيئات تتفكك إلى غاز.
    مبدأ عمل التكهف الفائق(****)

    إن تدفق الماء بسرعة حول جسم ما يخفض الضغط الواقع عليه. فإذا تجاوزت سرعة الجسم 50 مترًا في الثانية انخفض الضغط إلى حد يحول الماء إلى بخار، فتتولد فقاعة غازية خلف الجسم، وهكذا تنشأ ظاهرة التكهف cavitation. فإذا أحاطت الفقاعة بالجسم إحاطة السوار بالمعصم قلنا إننا بصدد ظاهرة تكهف فائق supercavitation. تولد الأجسام الرفيعة المتناظرة محوريًّا، من أمثال الطوربيد الروسي شكڤال العالي السرعة [الصورة العليا]، كهوفًا فائقة طويلة إهليلجية الشكل. تبين الصورة في المنتصف رقاقة في نفق مائي في جامعة گرينوبل بفرنسا، وفيها يولد التدفق السريع للسائل (من جهة اليمين) ظاهرة تكهف فائق تعلو سطح الرقاقة. تُظهر المحاكاة الحاسوبية لدينامية السوائل [الصورة السفلى]، التي أجريت في المختبرات APL بجامعة ولاية پنسلڤانيا، تكهفأ جزئيًّا ناشئًا عن تدفق فوق مقدمة جسم غير حاد، كما تظهر ما يسميه الاختصاصيون بظواهر تناثر الفجوات cavity shedding. [يبدو السائل هنا بلون أحمر، والبخار بلون أزرق].
    يقول تولين: «في ظروف معينة، ولا سيما عند الحافات الحادة، يمكن أن يشتمل التدفق على تكهفات ذات ضغط ثابت تقريبًا، مملوءة ببخار الماء تجرّ وراءها الهواء. وهذا ما نطلق عليه اسم التكهف الطبيعي natural cavitation. ويتخذ التكهف الشكل الضروري للحفاظ على شروط الضغط الثابت عند حدوده، وهي الحدود التي ترتبط وتتحدد تمامًا بالجسم الذي يولدها، إضافة إلى ضغط التكهف وقوة الثقالة.» ويحاول مهندسو البحرية تجنب حدوث التكهف لأن وجوده يمكن أن يولَّد اضطرابًا في تدفق الماء فيؤدي إلى تخفيض فاعلية المضخات والتوربينات (العنفات) وسطوح الانسياب المائي hydrofoils والدواسر propellers. وقد يؤدي أيضًا إلى حدوث موجات صدم عنيفة (ناجمة عن سرعة انهيار الفقاقيع) تتسبب في تنقر السطوح المعدنية وتآكلها.

    ليس التكهّف الفائق إلا ضربًا متطرفًا من التكهف، وفيه تتشكل فقاعة واحدة تغلِّف الجسم المتحرك بأكمله تقريبا. فإذا تجاوزت سرعة الجسم في الماء نحو 50 مترًا في الثانية تقوم مولِّدات التكهف الكليلة المقدِّمة blunt-nosed cavitators ومنظومات حقن الغاز الأمامية prow-mounted gas-injection systems بتوليد هذه الجيوب الغازية المنخفضة الكثافة (التي يطلق عليها الاختصاصيون اسم التكهّفات الفائقة). وفي الأجسام الانسيابية النحيفة المتناظرة محوريًّا يأخذ التكهف الفائق شكل مجسم إهليلجي متطاول يبدأ من مقدمة الجسم المتحرك وينتهي في مؤخرته، ويتوقف طوله على سرعة الجسم في الماء.

    لا تلبث التكهّفات الإهليلجية الناجمة أن تنغلق بفعل ضغط الماء المحيط بها، ويسود المنطقة التي يحدث فيها ذلك تدفقات معقدة وغير مستقرة. وتنشأ معظم الصعوبات في إعداد النماذج الرياضياتية لتدفقات التكهف الفائق عندما ننظر فيما يطلق عليه «تولين» اسم «اللخبطة التي يخلفها التكهّف»، وهي المنطقة المعروفة باسم منطقة انهيار التكهّف أو انغلاقه. وواقع الأمر إن عوامل الضغط داخل الكهوف الغازية ليست ثابتة، وهذا يؤدي ـ كما يقول تولين ـ إلى حدوث الكثير من مشكلات التحليل.

    ومهما تعدَّدت نمذجة التدفقات عندما لا يمس الماء سوى مولِّد التكهف، فإن الأجسام التي يرافق حركتَها التكهفُ الفائق يمكنها أن تنزلق بسرعة فائقة ضمن فقاقيع الغاز المتطاولة، وبقوة سحب دنيا.


      مواضيع مماثلة

      -

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 16, 2024 6:25 am